و بعد ..
إن عبثية المشهد السياسي المصري الراهن و فوضويته يجعل الكتابة و التحليل فيه لا يخلو من إرتكاب مغامرة بنفس القدر المتناغم من القفزات اللاعقلية ... فكيف يستقيم منطق حكومة تدعي القول أنها مع حرية التعبير .. وعندما يقوم مجموعة من الشباب في مظاهرة سلمية للتعبير في وضح النهار عن حقهم في الرأي المخالف .. تقوم السلطة الأمنقراطية لحزب الحكومة الأمنقراطي بمصادرة حرية التعبير و تقديم خدمة مجانية – موثقة بالصوت و الصورة - لتكسير و سحل و ضرب و إهانة شباب و فتيات لا يملكون سوي أجسادهم لتلبية هذا الخدمة ثم يتم القبض علي بعضهم و توجيه تهم من حواضر القانون كيفما أتفق كتعريض سلامة النقل والأمن البري للخطر !!!! ... اليس هذا مؤشرا سلبيا يقودك للقول المنطقي بأن هذا السلوك الأمني الفج يشجع على العمل السري .. بدلا من التعبير الحر في وضح النهار .. لكن في اللأمنطقية تنسكب كل فرص العقل والمعقول
فالمشهد يرصد حالة واقع صراع بين جموع شعبية تتصدرها تجمعات شبابية من ناشطين متنوعون – هم وعد المستقبل و خبيئة وخميرة مسكونة بالحق القادم - تحاول أن تهتدي لإطار مطالب للتغيرالسياسي و الإجتماعي و الإقتصادي من جهة ... وبين جبهة التواطؤ و التَّآمُر السياسي للعاطلون بالسياسة في أماكن السلطة و ذوي البطالة السياسية الموسمية المقنعة بالمعارضة المكتبية أو الإفتراضية من جهة أخرى .
يبدو محاولتى لعدم الوقوع في التنظير ـ تنظير للوقوع ـ على أي حال فإن جهتي الصراع المتمثلة في :ـ
1- حركة 6 ابر يل :
وهي أحدى الحركات الثورية لخلايا جسم الأمة الحي المتوثب في شباب يمتلك حماسة وجراءة المطالبة بالتغيير – التي يجب تقديره عليها ـ وقد يمكن البناء عليه رغم وجودهم في حالة الإربكات للبحث عن أطر أو جهة للقيادة تملك طاقة موجـِهة وموجَهة لتوليد شرارة التغيير ـ و إن كنت و لا أزال مقتنع بأن هذه النسخة من التغيير الوطني للقرن الحالي يجب أن تتم من خلال هؤلاء الشباب الموجودين في الشارع قيادة وقاعدة و التى حتى تتبلور لديها مرجعية فكرية .. قد تحتاج من وقت لأخر لمرجعية فكرية هادية وغير مسيطرة ـ كان لدي أمل – ألا يقعوا في نمطية الأعتراض المتعارف عليها من قبل الأمنقراطية الحاكمة مما يعرضهم للمماحكات و التحرشات الأمنية و أن يتكأ كلا منهم على طاقته الأبداعية في إبتكار نموذج للتعبير ـ فإن كان الهدف هو توصيل رسالتنا للعالم منا و حولنا فالوسيلة تحتاج لعنفوان الإبتكار من خلال
مكان التعبير : " كالحدائق العامة / النوادي العامة / شوارع المدن الجديدة الواسعة بضواحي العاصمة "
زمن التعبير : ومن رأي أن تفويت فرصة يوم ( شم النسيم / أزمات المياة و البوتاجاز وغيرها ) إضاع فرصة ذهبية لإستغلال تواجد تجمعات لإثارة حراكهم الفكري و محاولة جلبهم للتضامن – و أعتقد أن لوجود معظم الشباب في حالة إستعداد لأمتحانات نهاية العام قد أثر على زخم الحدث فكان في الأمكان تبكيره في اجازة نصف العام أو تأجيله لأجازة نهاية العام مع الإستعداد الجيد
أشكال التعبير : من خلال توليد أفكار على ملبوسات موحدة كقمصان أو فانلات " تي شيرتات " تحمل أشكال أو حروف مقطعة أو جمل مطلبية " مع الإستفادة من برامج الكمبيوتر أو طاقات شباب الفنون الجميلة
توثيق و إعلان : التنسيق مع شباب ذو الميول السينمائية لإخراج المشهد وتوثيقه و بثه عبر الوسائط الإجتماعية .. هذا بالتوازي مع التنسيق مع وكلات أنباء و قنوات فضائية و صحف ومحطات إخبارية لتغطية حية للحدث هذا من حيث الشكل .
أما من حيث المضمون تكريس البعض في مجموعات مخصصة للبحث العلمي عن حلول غير تقليدية لمشكلة ما تعترض واقعنا ووجعنا السياسي والإقتصادي والأجتماعي وإستخدام الوسائط لتبادل الخبرات ... فإن لم يتمكنوا من تطبيقها بأنفسهم يستطيعون أن يوقفوه الإلتفاف عليهم وعلينا من خلال عدم تطبيقها .
2- جبهة التأمر السياسي :
( أ ) سلطة حزب * ( أمنقراطية ) تنتمي لحقب جيولوسياسية منقرضة و تمارس السياسة من فرع قبيلة الأمن المركزي ـ مدني أو عسكري ـ لا رؤية سياسية قادر على تسويقها لجسم الأمة أو عقلها ، فحكوماتها تعاني من فشل جيني وبائي فعلى أمتداد ما يقارب 30 عاما لم يصادفها نجاحا إقتصاديا أو سياسيا أو إجتماعيا ـ حتى فقط بمحض الصدفة لم يصادفها نجاح ـ
· إقتصاديا : مجموعة مخربيها ـ وليس مخططيها ـ الإقتصاديين قامت ببيع مفردات الوطن و مقدراته بالقطاع العام ـ التى قاموا ببنائه أبناء الوطن خلال عقدي الخمسينات و الستينات مع وجودنا حينها في حالة حرب شرس مع العدو الصهيوني - بعد تعمد إفشاله بثمن بخس لمجموعة من عصابات المال العام ـ فقط ـ كي تتمنن علينا بالدعم الذي يذهب بمعظمه لعصابات التوريدات الخفية - مما يحرك لدي سؤالا إعتراضي ـ ماذا لو لم يكن لدينا قطاع عام ماذا كان سماسرة الوادي سيعرضون للبيع !!! فنجاحهم كان باهرا كرجل مر بضائقة مالية فأخذ يبيع أثاث بيته لكي يسدد مصروفات طعامه بدلا من محاولة البحث عن كيفية إدارة موارده .. و كانوا مثالا حي لنقيض القول الشعبي الرائع " تجوع الحرة و لا تتغذي بصدرها " - ثم راحوا يمارسون هواية بيع الجغرافيا وصولا الي محاولات خبيثة لبيع التاريخ من خلال قانون بيع الأثار ، و مع كل هذا لم يتمكنوا من الوصول الي حد الكفاف لما يقرب من 40 % من الشعب المصري و في حالة ما يسمي بالسلام مع العدو الصهيوني ، و إنخفاض القيمة الحقيقة الشرائية للجنية ، تداعي مستويات المعيشة ، تضخم ثروات قلة من ناهبي المال العام و إفقار معظم الشعب ، هدر و إهدار المال العام ، تشوية هيكلية الإقتصاد من بلد شبة زراعي شبة صناعي في الستينات الي بلد خدماتي و عقاري سياحي .
· سياسيا : أصبحنا بموجب منظريهم السياحيين ـ والملقبين بالخطأ المحض متخصصين سياسيين ـ ننعم بجيتو مصري بعد أن كنا نمتطي بالتأثير المباشر و غير المباشر الخريطة على إمتداد العالم في أفريقيا و أسيا و أمريكا الجنوبية و أوروبا ، فصارت أفريقيا مرتعا للعدو الصهيوني وصولا للسودان التى أضحت على مشارف التقسيم مما يهدد بإنهيار منسوب المياة التى تعتاش عليه مصر في حياتها اليومية و متاخمة خانقة للعدو الصهيوني على أبوابنا الجنوبية دون تأثير أو حراك مصري فاعل ، و قس على ذلك اليمن التى تمارس أمريكا عليها منظومة إرهابية من خلال زعزعة الإستقرار و محاولات لشراء جزيرة سوقطرة لبناء منشأت سياحية كواجهة لقاعدة عسكرية أمريكية بعد تأليف مسرحية القراصنة الصوماليين لإستدعاء التدخل العسكري الأمريكي مما يعرض أمننا القومي من جهة الجنوب الشرقي و الشرقي و باب المندب للخطر ، و حدث و لا حرج عن فلسطين المحتلة و علاقاتنا المتوترة و شبة المتوترة مع لبنان و سوريا و الجزائر و قطر و موسميا مع السعودية ، وإفتعال أو تضخيم عداء مع إيران و تركيا .. هذا حالنا على الخريطة .. و من ناحية أخرى فنظرة على إيران التى بدءت ثورتها 1979 كيف كانت وقتها و إين وصلت الأن ، ثم تركيا في طور الصعود الثاني لإعادة بناء و إحياء أمبراطورية كانت قد تفككت من مئة عام بعد الحرب العالمية الأولى .
· إجتماعيا : حدث و لا حرج في التفكك الأسري ، البطالة ، شيوع الإنحرافات الأخلاقية نتيجة لبناء منظومة فساد وإفساد و إفقار متعمد ، إنخفاض مستوى الرعاية الصحية وصولا إنعدامها للمواطن العادي مما أدى الي ارتفاع نسبة مرضى السرطان و ضغط الدم و السكري والقلب و الفشل الكلوي ، تراجع التحصيل العلمي و مستوى التأهيل العلمي و العملي و التقني ، تذبذب فاعلية الإنتماء الوطنى ، شيوع جرائم جديدة على المجتمع المصري ، شيوع قناعة تطبيع الفساد والهروب من العقاب و عدم فاعلية مقولة فوقية القانون على الجميع .... الخ ... هذا عن جانب النظام
· ثقافيا : !!!!!
( ب ) معارضة ** ( دجلقراطية ) بكامل أطيافها داجنة ومدجنة تثيرغبار صخب صورة زائفة لمسرحية شبة هزلية قوامها دجل سياسي مفلس إلا في تبادل مصالح تم بنائها بين قادتها وبين السلطة فأصبح قصارى جهدهم في النضال من أجل التغيير من الكرسي الوثير " ساعة إذاعة " .. معارضة لقيطة لم ينجبها كأي معارضة في العالم أبوها الشرعي ـ وهو الشعب ـ بل إنشئت بقرارأبوي فتبناها ملجأ النظام لإستكمال الوجاهة ـ الوقاحة – الدمى قراطية و قام النظام منذ النشأة بتطبيع و تدجين العلاقة بينه و بين المعارضة من خلال التعيينات للقيادات بمجلسي الشعب و الشورى و الإعانات للمقرات وإعلانات جرائد الأحزاب ، حتى مع سماح النظام لدخول الأخوان " الجماعة المحظورة " ـ مع الإقرار بأنها الجهة الوحيدة المعارضة التى تدفع يوميا من منسوبيها نتيجة معارضتها ـ لكنها أصبحت أسيرة شرعنة وجودها والإنغماس في المناورة لحماية أعضائها فصارت من حيث لا تدري أو تدري مستنسخ جديد للمعارضة الداجنة ، ثم أشرقت شمس قادة المعارضة الأفتراضية فسقطت مع أول أمتحان و ظهرت شيخوختها و رخاوتها .. " مع كامل إحترامي لكل المؤمنين بهكذا خيار" لكن إن لم يتسابق قادة و مغاويير ما يسمون بالمعارضة للنزول للشارع و التعرض لنفس الممارسات التى يتعرض لها الشباب و يتم إعتقالهم جنب لجنب و يرفضون الإفراج عنهم حتى أخر شاب تم أعتقاله و العمل على مقاضاة كل من أهان هؤلاء الشباب ... و لا يكتفون بالخروج علينا من الشاشات بملابسهم الأنيقة مرصعة بأوسمة النضال الإفتراضية كجنرالات الحروب الكرتونية و هم في كامل زينتهم و يطربوننا بمعلقات عن الينبغيات ... و تسفيه مجهودات شباب أعطى ما عنده و هو يناضل بكل ما يملك شبابه و رغبته في التغيير – وعذري و جرمي أني اؤمن بأن التغيير يجري في و عبرالشارع و ليس عبر الشاشة .. و نسبة التغيير هي محل الموضوع فالنخبة تسعى لتغيير نسبي سياسي يحقق لها رفاهية الأداء السياسي وحتى في حالة تحققه سيخدم هذه الجهه فقط و سوف تبقى المنظومة الحاكمة تدجن الوافد الجديد وسيكون قامة إنجازه هو هذا التغيير ، أما التغيير من جهة الشعب ينبغي أن تبدا كحركة الشباب من الشعب ومرهونة بالعودة الي الشعب .
منحوتات لغوية :
* الأمنقراط / الأمنقراطية
** الدجلقراط / الدجلقراطية
وللحديث بقية إن كان
0 comments:
إرسال تعليق
أشكر لك تعليقك .. و أتمنى عليك أن تنقي بتعليقك شوائب أفكاري و أعتذر مقدما إن أسئت بكلماتي دون قصد الي أحد ... كلماتك شطر روحك فأنتخب منها ما يريحك ....هذا قولي ... و أجمل منه قول الأمام الشافعي " ما جادلت أحدا ، إلا تمنيت أن يُظهر الله الحق على لسانه دوني " الأمام الشافعي