الشهيد عبد المنعم محمد رياض
09 مارس 1969
فارس مطرز بعطر العصور العتيقة و مجلدا بتلك الإرادة العبقرية التي كانت تستأجرلبعض الوقت جسدا نحيلا لم يكن يقنع بممارسة الفروسية عن بعد ، كن فارس جواد وسيف بالأسلحة النارية ، كان يقود في صحبة جنود ، كان صانع أشغالا عسكرية يدوية يحترف المهارة بالمصافحة اليومية للجبهة ، و تضاريس البهجة و القلق المسطر على وجوه الجند ، و غاية وصفه أنه لم يكن مقاتلا لبعض الوقت
فكانت جائزته وضع تمثال نحيل متواضع كذاكرتنا المنكمشة الجبانة حين يتسامق فيها زخم حضور العظماء ، تناسوا أن العظمة تنشر محبتها علي الفضاءات الرحبة في العقول و القلوب غير الداجنة ولا تتساكن فقط في ظل محيط الجسد ، هؤلاء الغائبون عن تشاطئ رؤية أقدار الرجال و الأفعال خبئوا التمثال كفعلة شنعاء في مهبط جسر للسيارات ، لم يدفعوا له حقه الشرعي في حرم آمن للروية و التعرف و التمازج بينه و بين العابرين والمارة ـ دون نظرة إنتباه ـ سدد مقدما ثمنها بفائض بطولاته وإستشهاده كأحد الطرق الموصلة لما هم فيه الآن .. لم يسردوه رسم في حكايا الأطفال كقدوة و قدرة ، لم يجعله قوت العسكرعلى موائد الجندية أو حلقات سمرالفخر للجنود في الخدمة الليلية ، لم يعطوه قسطه العادل حتى في زكاة شاشاتنا و صحفنا و مجلاتنا أسوة بأدعياء الفن و الثقافة و الرياضة و الوطنية الشوهاء و الراقصات أشباة الرجال و أشباة النساء المسلطين علينا على أمتداد رقعة الوطن العربي كالوباء ، الي هولأء و هولاء .. و عن هؤلاء و هؤلاء .. تحية سيدي ..
وهذه مرثية تليق ببعض فعالك سيدي .... للشاعر نزار قباني
لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ
لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ..
لو يعرفونَ أن يموتوا.. مثلما فعلتْ
لو مدمنو الكلامِ في بلادنا
قد بذلوا نصفَ الذي بذلتْ
لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ
قد خرجوا.. كما خرجتَ أنتْ..
واحترقوا في لهبِ المجدِ، كما احترقتْ
لم يسقطِ المسيحُ مذبوحاً على ترابِ الناصرهْ
ولا استُبيحتْ تغلبٌ
وانكسرَ المناذرهْ…
لو قرأوا – يا سيّدي القائدَ – ما كتبتْ
لكنَّ من عرفتهمْ..
ظلّوا على الحالِ الذي عرفتْ..
يدخّنون، يسكرونَ، يقتلونَ الوقتْ
ويطعمونَ الشعبَ أوراقَ البلاغاتِ كما علِمتْ
وبعضهمْ.. يغوصُ في وحولهِ..
وبعضهمْ..
يغصُّ في بترولهِ..
وبعضهمْ..
قد أغلقَ البابَ على حريمهِ..
ومنتهى نضالهِ..
جاريةٌ في التختْ..
يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرتْ
الخطوةُ الأولى إلى تحريرنا..
أنتَ بها بدأتْ..
يا أيّها الغارقُ في دمائهِ
جميعهم قد كذبوا.. وأنتَ قد صدقتْ
جميعهم قد هُزموا..
ووحدكَ انتصرتْ
بعض لمحات في تاريخه :
22 أكتوبر 1919 م ميلاده بقرية سبرباي محافظة الغربية لأب كان عقيد ( قائمقام ) و قائد لبلوكات الطلبة بالكلية الحربية
1931 م توفي والده وهو أبن 12 عام
06 أكتوبر 1936 م التحق بالكلية الحربية بعد قبوله وسجل للدراسة بكلية الطب
21 فبراير 1938 م تخرج من الكلية الحرية بترتيب الثاني على الدفعة و برتبة ملازم ثان
1939 م شارك في الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية و مرسي مطروح
1944 م حصل على درجة ماجستير العلوم العسكرية و كان ترتيبه الأول على الدفعة
1948 م شارك في حرب فلسطين
مايو 1952 م عين قائد مدرسة المدفعية المضادة للطائرات
1954 م عين قائد للمدفعية المضادة للطائرات
1956 م شارك في حرب السويس ( العدوان الثلاثي ) على مصر
1958 م سافر في بعثة الي الإتحاد السوفيتي للدراسة في دورة تدريبة تكتيكية تعبوية فحصل عليها بأمتياز 1959 و حصل على لقب " الجنرال الذهبي "
10 مارس 1964 م عين رئيسا لأركان القيادة العربية المتحدة
21 ابريل 1966 م تم ترقيته الي رتبة فريق و عين قائد للجبهة الأردنية
1967 م التحق بكلية التجارة جامعة عين شمس ( وهو في سن 48 ) لدراسات العلوم الإقتصادية لإستكمال دراستة لدرجة الدكتوراة .
11 يونيو 1967 م عين رئيسا لأركان حرب القوات المصرية و بدأ إعادة بناء القوات المسلحة المصرية التى أنتصرنا بها في 06 أكتوبر 1973 م
08 مارس 1969 م ترجل الفارس عن صهوة الآلم في خندق العزة وهو بين رجاله يتفقد بدوريات إستطلاعية .. لمواقع الإشتباكات الأمامية مع العدو الصهيوني على الجبهة المصرية و كان قد أختار له القدر و أختار لنفسه أحد المواقع التى فتحت النيران بشدة على العدو في اليوم السابق و عندما وصل الي الموقع فتحت نيران العدو كالسيل على الموقع إنتقاما من اليوم السابق فقاتل وقاد مع جنوده معركة استمرت حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الخندق التي كان يقود المعركة منه و كان هو أقرب من كل جنوده لموقع القذيفة ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض بعد وصوله لمستشفي الإسماعيلية بخمس دقائق و كان جسده خاليا تقريبا من الجراح ، و شيع في جنازة مهيبة ستظل عطرها عالق في ذاكرة الأمة
تشيع جنازة الشهيد عبد المنعم رياض
و هذه مشهدية تستحق الرؤية
تنوية واجب:
حتى في أقصى حالات السلام و تطرف تحالف المصالح أو الأهداف .. تبقى ذاكرة الأمة .. ذاكرة أمة .. فالتاريخ القديم و المعاصر يقول لنا أن انجلترا و فرنسا و الصين و الهند و روسيا و أمريكا و اليابان و حتى الكيان الصهيوني الغاصب لم يلقوا عباءة النسيان على قوادهم في أوقات الحروب و النزاعات بعد السلام و التصالح .. بل أصبحوا يبثونهم في مناهجهم الدراسية و ينشرونهم في التلفزة و السينما و الدوريات الصحفية كمشاع ثقافي و يستثمرونهم في بورصة الوعي الجمعي و الجماعي للأمة فيصيرون أرثا وطنيا غير قابلا للنقض عند أي من الإستدارات السياسية أو الحركية التى قد يراها البعض ضرورية في أوقات البيات الوطني !!
النقانق ..... هي السجق أو الممبار العربي ... على الطريقة الأمريكية
و للحديث بقية إن كان
2 comments:
أول زيارة لي لمدونتك
ايييه....الله يعيد علينا أيام المحروسة وأيام الناس الطيبين...
الله يرحم الشهيد...في جنات الخلد انشاءالله
والله يرحمك يا سيادة الريس...فعلا لازم مكانك فاضي
شكرا سيدي على تشرفيك ومطالعة سطوري و الخير باقي مادام وعي الأمة باقي و كما قال البعض .. إذا خليت خربت .. و تفضل بلطفك تقبل تحياتي
إرسال تعليق
أشكر لك تعليقك .. و أتمنى عليك أن تنقي بتعليقك شوائب أفكاري و أعتذر مقدما إن أسئت بكلماتي دون قصد الي أحد ... كلماتك شطر روحك فأنتخب منها ما يريحك ....هذا قولي ... و أجمل منه قول الأمام الشافعي " ما جادلت أحدا ، إلا تمنيت أن يُظهر الله الحق على لسانه دوني " الأمام الشافعي